الحبط في دين الله

[عطيه الدماطى]

الحبط في دين الله
الجذر حبط من الجذور التى ذكرت فيما بين أيدينا من كتاب الله لصورة قليلة والكلمة تستعمل في حياتنا عبر مصطلح الاحباط وهو :
تثبيط وتفتير إرادة الناس لكى لا يعملوا المطلوب منهم من خلال اشاعات وأفعال تكسر إرادتهم كتخويفهم من القتل والسجن أو أنهم يمسهم أو أسرهم أذى جسدى أو مالى أو غير هذا
وقد ورد المعنى الحبط بمعنى خسران وضياع أجر الإنسان نتيجة كفره في الآيات التالية :
حبوط الأعمال
أخبرنا الله أن من كان يريد الحياة الدنيا ليس له فى الآخرة وهى القيامة إلا النار وهى جهنم وأخبرنا أنه حبط ما صنعوا فيها والمقصود ضاع الذى فعلوا فى الدنيا وشرح هذا بأنه باطل ما كانوا يعملون والمقصود زائل أجر الذى كانوا يفعلون لأنهم أخذوا أجرهم وهو طيباتهم فى الدنيا
وفى المعنى قال سبحانه
" أولئك الذين ليس لهم فى الآخرة إلا النار وحبط عنهم ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون "
وأمر الله من رسوله (ص)أن يقول للناس هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا والمقصود هل نخبركم بالمسيئين وبكلمات مغايرة من فعلوا أفعالا سيئة ؟ثم يجيب على السؤال بقوله هم الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا والمقصود هم الذين ساء عملهم فى المعيشة الأولى وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وبكلمات مغايرة وهم يظنون أنهم يصلحون عملا والأخسرين أعمالا هم الذين كفروا وبكلمات مغايرة كذبوا بآيات ربهم وهى أحكام خالقهم ولقائه وهو جزائه فكانت النتيجة أن حبطت أعمالهم وبكلمات مغايرة خسر أجر أفعالهم والمقصود ساءت أفعالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا والمقصود فلا نعطى لهم يوم البعث ثوابا وبكلمات مغايرة عطاء حسنا
وفى المعنى قال سبحانه
"قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا "
أخبرنا الله أنه يعلم المعوقين والمقصود يعرف المانعين للعون عن المسلمين ولذا أحبط الله أعمالهم وبكلمات مغايرة "فأضل أعمالهم "كما قال بسورة محمد والمقصود أخسر الرب جزاء أفعالهم وكان ذلك وهو تضييع الثواب على الله يسيرا وبكلمات مغايرة هينا
وفى المعنى قال سبحانه
"أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا "
وأخبرنا الله أنه أوحى وبكلمات مغايرة ألقى له فى الوحى كما قال للذين من قبله وهم الرسل (ص)والناس :لئن أشركت ليحبطن عملك والمقصود لئن كفرت ليضيعن ثواب فعلك وبكلمات مغايرة لئن عبدت مع الله آلهة أخرى ليضيعن أجر صنعك فى الدنيا وشرح هذا بقوله ولتكونن من الخاسرين وبكلمات مغايرة الهالكين
وفى المعنى قال سبحانه :
"ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين "
أخبرنا الله أن الذين كفروا فتعسا لهم والمقصود والذين كذبوا وحى الله فسحقا وبكلمات مغايرة فعقاب لأصحاب السعير وشرح هذا بقوله أضل أعمالهم وبكلمات مغايرة أحبط أفعالهم والمقصود أضاع أجر أفعالهم والسبب أنهم كرهوا ما أنزل الله والمقصود خالفوا ما أوحى الله فأحبط أعمالهم وبكلمات مغايرة فأضاع أجور أفعالهم
وفى المعنى قال سبحانه
" والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم "
وأخبرنا الله أن الذين ارتدوا على أدبارهم اتبعوا ما أسخط الله والمقصود أطاعوا ما أغضب الله وهو الشيطان وبكلمات مغايرة الباطل وكرهوا رضوانه والمقصود وبغضوا حكمه الموصل لرحمته فأحبط أعمالهم والمقصود فأخسر أجور أفعالهم حيث أدخلهم النار .
وفى المعنى قال سبحانه
" ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم"
وأخبرنا الله أن الذين كفروا وبكلمات مغايرة كذبوا وحى الله وشرح هم بأنهم صدوا عن سبيل الله وبكلمات مغايرة بعدوا عن طاعة دين الله وشرح هم بأنهم شاقوا الرسول وبكلمات مغايرة خالفوا الوحى المنزل على النبى (ص) من بعد ما تبين لهم الهدى والمقصود من بعد ما بلغهم الحق وهو وحى الله لن يضروا الله شيئا والمقصود لن يصيبوا الرب بضرر وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على إصابة الله بأذى وهو سيحبط أعمالهم وبكلمات مغايرة سيخسر أجور أفعالهم والمقصود سيدخلهم النار
وفى المعنى قال سبحانه
"إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم"
ونادى الله الذين آمنوا:
لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى (ص)أى لا تجعلوا أحكامكم متبعة دون وحى الرسول (ص)وشرح هذا بألا يجهروا للنبى (ص)بالقول كجهر بعضهم لبعض والمقصود ألا يظهروا للرسول (ص)الوحى فى أنفسهم كإعلان بعضكم حكمه للبعض الأخر والسبب أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون والمقصود كى لا يخسر ثواب أفعالكم الصالحة وأنتم حقيقة تعرفون لأنكم تحسنون لأنفسكم الباطل لو اتبعتم كلام أنفسكم
وفى المعنى قال سبحانه :
"يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون "
وأخبرنا الله أن من يرتدد منا عن دينه والمقصود من يترك إسلامه فيمت وهو كافر وبكلمات مغايرة ويتوفى وهو مكذب بالإسلام فإن أعماله تحبط وبكلمات مغايرة أفعاله يضيع أجرها فى الدنيا وهى الأولى وفى الآخرة وهى القيامة ومن ثم فمصيره هو النار
وفى المعنى قال سبحانه :
"ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة "
الحبط فى الروايات :
فى الروايات التالية نجد أن عمله والمقصود خسر أجر عمله لأنه أصاب نفسه وهو يضرب الكفار فى الجهاد وهو :
6496 - حدثنا المكي بن إبراهيم حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال
: خرجنا مع النبي صلى الله عليه و سلم إلى خيبر فقال رجل منهم أسمعنا يا عامر من هنياتك فحدا بهم فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( من السائق ) . قالوا عامر فقال ( رحمه الله ) . فقالوا يا رسول الله هلا أمتعتنا به فأصيب صبيحة ليلته فقال القوم حبط عمله قتل نفسه فلما رجعت وهم يتحدثون أن عامرا حبط عمله فجئت إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقلت يا نبي الله فداك أبي وأمي زعموا أن عامرا حبط عمله فقال ( كذب من قالها إن له لأجرين اثنين إنه لجاهد مجاهد وأي قتل يزيده عليه ) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا هَذِهِ النِّيرَانُ ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ ؟ فَقَالُوا : عَلَى لَحْمٍ ، قَالَ : أَيُّ لَحْمٍ ؟ قَالُوا : لَحْمُ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَهْرِيقُوهَا ، وَاكْسِرُوهَا ، فَقَالَ رَجُلٌ : أَوْ يُهْرِيقُوهَا وَيَغْسِلُوهَا ؟ فَقَالَ : أَوْ ذَاكَ ، قَالَ : فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ ، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ ، فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ ، قَالَ : فَلَمَّا قَفَلُوا ، قَالَ سَلَمَةُ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي : قَالَ : فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاكِتًا ، قَالَ : مَا لَكَ ؟ قُلْتُ لَهُ : فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ ، قَالَ : مَنْ قَالَهُ ؟ قُلْتُ : فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ الأَنْصَارِيُّ ، فَقَالَ : كَذَبَ مَنْ قَالَهُ ، إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ ، إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ"رواه البخارى
الغلطة فى الرواية الدالة على أن الرواية لم تحدث هى أن عامر له أجرين وحده لأنه ليس له مثل وهو ما يخالف أن كل المسلمين لهم أجرين أى كفلين من رحمة الله كما قال تعالى :
قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا"
وقال :
"يؤتكم كفلين من رحمته"
وفى الرواية التالية زعموا أن ثابت بن قيس حيط عمله لعلو حسه وهو صوته على حس النبى(ص) وهو :
4565 - حدثنا علي بن عبد الله حدثنا أزهر بن سعد أخبرنا ابن عون قال أنبأني موسى بن أنس عن أنس بن مالك رضي الله عنه
: أن النبي صلى الله عليه و سلم افتقد ثابت بن قيس فقال رجل يا رسول الله أنا أعلم لك علمه فأتاه فوجده جالسا في بيته منكسا رأسه فقال له ما شأنك ؟ فقال شر كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم فقد حبط عمله وهو من أهل النار فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه قال كذا وكذا فقال موسى فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة فقال ( اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكنك من أهل الجنة ) رواه النسائى
بالطبع الغلطة الدالة على أن الرواية لم تحدث هى أن رفع الصوت المقصود به علو صوت الإنسان وهو حديثه على حس النبى(ص) والمقصود هو طاعة النفس وترك طاعة الرسول(ص) فهذا هو العلو وهو الفساد فى الأرض
وفى الرواية التالية نجدها تتكلم عن احباط عمل تارك صلاة العصر وهى:
569 - حدثنا معاذ بن فضالة قال حدثنا هشام عن يحيى هو ابن أبي كثير عن أبي قلابة أن أبا المليح حدثه قال كنا مع بريدة في يوم ذي غيم فقال بكروا بالصلاة فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال:
( من ترك صلاة العصر حبط عمله ) رواه البخارى
وفى الرواية التالية من لم يرضى بقضاء الله حبط عمله وهى :
10168 - أخبرنا أبو سعيد الخليل بن أحمد البستي القاضي نا أبو العباس أحمد بن المظفر البكري أنا ابن أبي خيثمة نا أبو معاوية الفلابي نا قمامة أبو زيد العبدي قال : نظر علي بن أبي طالب إلى عدي بن حاتم كئيبا حزينا فقال له : ما لي أراك كئيبا حزينا فقال : و ما يمنعني يا أمير المؤمنين و قد قتل أبي و فقئت عيني فقال : يا عدي بن حاتم إنه من رضي بقضاء الله جرى عليه و كان له أجرا و من لم يرض بقضاء الله جرى عليه و حبط عمله "رواه ابن ماجة

وبالطبع المسلم أو حتى الكافر لا يعرف قضاء الله وهو قدره حتى يرضى به أو لا يرضى به وإنما كل ما عليه هو طاعة وحى الله فيما حدث له أو عصيانه فهنا الرضا بالشرع وهو أحكام الله وأما القضاء وهو القدر فالله لا يطالبنا بالرضا عنه أو رفضه وإنما يطالبنا بطاعة أحكامه فيه كما قال سبحانه " أطيعوا الله

[۩◄عبد العزيز شلبى►۩]

[جهاد الشورة]

شكرا لك اخى الكريم