العصم فى دين الله

[عطيه الدماطى]

العصم فى دين الله
فى حياتنا نستعمل من الجذر عصم عدة كلمات منها :
عصمة الأنبياء(ص) والاعتصام بحبل الله والعصمة فى يد المرأة والمعصم وهو الرسغ ويكثر تسمية الناس باسم عاصم وعصام وفى المثل كن عصاميا ولا تكن عظاميا والمقصود كن ممن يعتمدون على أنفسهم فى عمل مكانة لك ولا تعتمد على الموتى من الآباء والأجداد فى عمل مكانة لك
وقد ذكر فيما بين أيدينا من كتاب الله عدد من كلمات الجذر عصم وهى :
الاعتصام بحبل الله :
أمر الله المسلمين حيث قال اعتصموا بحبل الله والمقصود تمسكوا باتباع وحى وهو حكم الله ونهاهن عن التفرق حيث قال ولا تفرقوا والمقصود ولا تخالفوا وحى الله وفى المعنى قال سبحانه:
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "
الاعتصام بالمولى :
أمرنا الله أن نقيم الصلاة والمقصود نتبع الدين وهو أن نؤتى الزكاة والمقصود نعمل الطهارة من الذنوب بطاعة وحى الله وهو اعتصموا بالله والمقصود احتموا باتباع وحى الله فهو مولانا والمقصود ناصرنا وهو نعم المولى وهو نعم النصير والمقصود المؤيد لنا فى الدارين وفى المعنى قال سبحانه :
"فأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير "
المعتصمون فى رحمة الله :
أخبرنا الله أن الذين أمنوا وهم الذين صدقوا حديث الله واعتصموا به والمقصود احتموا من عذاب الله باتباع وحى الله سيدخلهم فى رحمة منه أى فضل والمقصود سيسكنهم جنات عنده وهى النعيم المقيم لديه وفى المعنى قال سبحانه :
" فأما الذين أمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم فى رحمة منه وفضل "
المعتصمون بالله هم المؤمنون :
أخبرنا الله أن المنافقين فى النار إلا الذين تابوا وهم من رجعوا لاتباع وحى الله وهم الذين أصلحوا والمقصود أحسنوا العمل اتباعا لوحى الله وهم الذين اعتصموا بالله والمقصود الذين احتموا من عذاب الله باتباع وحى الله وهم الذين أخلصوا أنفسهم لله والمقصود أسلموا أنفسهم باتباع وحى الله فهم مع المؤمنين والمقصود يسكنون الجنة مع المسلمين
وفى المعنى قال سبحانه :
"إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين "
المعتصم بالله مهدى لدين الله:
أخبرنا الله أن من يعتصم به والمقصود من يتبع وحى الله وبكلمات مغايرة من يحتمى من عقاب الله بطاعة وحيه قد هدى إلى صراط مستقيم والمقصود قد وصل إلى الدين العادل وفى المعنى قال سبحانه :
"ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم"
لا أحد يعصم من الله :
أمر الله الرسول (ص)أن يقول لأهل النفاق :
من ذا الذى يعصمكم والمقصود من هذا الذى ينجيكم من الله إن أراد بكم سوءا والمقصود إن قضى لكم ضرا أو أراد بكم رحمة أى قضى لكم نفعا وفى المعنى قال سبحانه :
"قل من ذا يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة "
لا عاصم للكفار من عذاب الله :
أخبرنا الله أن الكفار ما لهم منه من عاصم والمقصود ليس لهم من دون الله من واق وهو المنجى من العذاب كما قال سبحانه:
"وما لهم من الله من واق"
وفى المعنى قال سبحانه :
"والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم "
عصمة الكافر من الغرق ممنوعة :
أخبرنا الله أن ولد نوح قال لنوح(ص):
سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء والمقصود سأتسلق مرتفع يحمينى من الغرق وبكلمات مغايرة سأصعد إلى أعلى جبل يمنعنى من الغرق فى الماء وهنا رد نوح(ص):
لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم والمقصود لا حامى اليوم من عقاب الله إلا من عفا الله عنه وحال بينهما الموج والمقصود حجز الماء المرتفع بينهما فكان الولد من الغارقين وهم الهالكين فى الماء وفى المعنى قال سبحانه :
"قال سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم "
استعصام يوسف(ص) من الزنى:
أخبرنا الله أن زوجة العزيز قالت للنسوة فذلكن والمقصود هذا هو الذى لمتننى والمقصود عبتم في بسببه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم والمقصود ولقد طالبته بشهوته فرفض طاعة لإلهه وفى المعنى قال سبحانه :
"قالت فذلكن الذى لمتننى فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم "
لا عاصم للمدبرين من عذاب الله:
أخبرنا الله أن مؤمن قوم فرعون قال لقومه:
ويا قوم إنى أخاف عليكم يوم التناد والمقصود ويا أهلى إنى أخشى عليكم عقاب يوم الخطاب يوم تولون مدبرين والمقصود يوم تجرون هاربين من العقاب ما لكم من الله من عاصم والمقصود من منجى وهو المنقذ من العذاب وفى المعنى قال سبحانه :
"ويا قوم إنى أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم "
حرمة التمسك بعصم الكوافر:
أمر الله المتزوجين من المؤمنين ألا يمسكوا بعصم الكوافر والمقصود ألا يديموا زواج الكافرات والمستفاد ألا يستمروا فى العلاقة الزوجية مع الزوجات اللاتى هن كافرات ولا يردن الإسلام وهو حكم خاص بزواج المسلمين قبل رسالة النبى الأخير (ص)وهو زواجهم أيام الجاهلية وفى المعنى قال سبحانه :
"ولا تمسكوا بعصم الكوافر "
عصمة الله نبيه(ص) من أذى الناس :
أمر الله رسوله(ص) بلغ ما أنزل إليه من ربه والمقصود وصل الذى ألقى لك من خالقك وإن لم تفعل والمقصود إن لم تبلغ القرآن للناس فما بلغت رسالته والمقصود ما وصلت كلام الله للناس
وأخبره أنه يعصمه من الناس والمقصود يصونه من أذى الناس وبكلمات مغايرة يحميه من ضرر الكفار حتى يبلغ الرسالة وفى المعنى قال سبحانه :
"يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس "
العصمة فى الفقه :
ابتدع أهل الفقه مصطلح سموه عصمة الأنبياء (ص) ومعناه :
أنهم معصومون من عمل الذنوب وهو مصطلح يكذب كتاب الله حيث يقول الله لرسوله(ص) الخاتم" واستغفر لذنبك "
ويكذبه أيضا فى قوله :
" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر "
فهنا أثبت الله وجود ذنوب للنبى(ص) الأخير كما أثبت ذنب نوح(ص) حيث طلب من الله ادخال ابنه الجنة باعتبار أنه من أهله حيث رد الله عليه :" إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح " كما أثبت ذنب موسى(ص) بالقتل فى قوله " فوكزه فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين قال رب إنى ظلمت نفسى فاغفر لى فغفر له إنه هو الغفور الرحيم"
وأثبت ذنب يونس (ص) بأن الله لن يقدر عليه حيث قال " فظن أن لن نقدر عليه "
والعصمة المزعومة تخالف أمر الله نبيه ألأخير(ص) أن يعترف بكونه بشر مثل الناس يذنب ويطيع كما قال سبحانه :
والعصمة الثابتة لخاتم النبيين (ص) هى العصمة من أذى الناس كما قال سبحانه :
" والله يعصمك من الناس "
وفقهاء الشيعة فعلوا نفس فعل فقهاء السنة فجعلوا الأئمة معصومين من الذنوب والغريب أن رواية " كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءون التوابين " موجودة عنده الفريقين وعند غيرهم
وقد ناقش أهل الفقه فى العصمة موضوعات أخرى منها :
عصمة المسلم ماله ونفسه وعرضه والمقصود :
حرمة قتله وحرمة أخذ ماله وحرمة انتهاك عرضه سواء قصد به جسمه أو جماع قريباته دون زواج وهو كلام مبنى على رواية :
أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله 000فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله رواه البخارى
والرواية لم يتفوه بها النبى(ص) لمعارضتها كتاب الله فى التالى :
قتال الناس حتى يسلموا وهو ما يعارض حرمة إكراه الناس فى الإسلام على الإسلام أو على أى عمل كما قال سبحانه:
"لا إكراه فى الدين "
والله فرض قتال المعتدين فقط حيث قال:
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "
وقال :
" وقاتلوا فى سبيل الذين يقاتلونكم "
والأغرب هو أن المعاهدين أيضا معصومين فى النفس والمال والعرض فى دولة المسلمين
والموضوع الثانى هو عصمة النكاح وهو ما نتكلم عنه من خلال قولنا هى فى عصمته والمقصود بها أن الزواج مسامر ولكن فريق من أهل الفقه جلبوا مصيبة وهى احلال عصمة المرأة بمعنى أن من حق المرأة أن تطلق نفسها من زوجها إذا رضى الزوج أن يعطيها حق طلاقها فى العقد وهو عقد مخالف لكتاب الله لأن الطلاق حق الرجل لتعدد الأقوال فى كتاب الله فى كونها فى الرجال مثل:
" وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ "
وقال أيضا:
" وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ"
وقال أيضا:
"لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً"
وقال أيضا:
"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ"
وقال أيضا:
"فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ"
وقال أيضا:
" فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا"

ومن ثم المطلق هو الرجل وليس فى أى نص من كتاب الله غير ذلك

[۩◄عبد العزيز شلبى►۩]

[خضر الدببات]

مشكور اخي العزيز

[جهاد الشورة]

بارك الله فيك